الصداع خلف العين: نظرة على الأسباب والعلاجات
يُعدّ الصداع خلف العين شكوى شائعة، ويمكن أن يكون مزعجًا وموهنًا في كثير من الأحيان. قد يشعر المصاب به كألم حاد، ضغط، أو وجع خفيف يتركز خلف إحدى العينين أو كلتيهما. فهم الأسباب المحتملة لهذا النوع من الصداع أمر بالغ الأهمية لتحديد العلاج المناسب.
ما الذي يسبب الصداع خلف العين؟
هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالصداع خلف العين، تتراوح من الحالات الشائعة إلى الأمراض الأقل شيوعًا:
الصداع النصفي (Migraine): يُعد الصداع النصفي أحد الأسباب الرئيسية للألم خلف العين. غالبًا ما يكون الألم نابضًا وشديدًا، ويصحبه حساسية للضوء والصوت، وغثيان، وقيء. يمكن أن يتركز الألم خلف عين واحدة ويشمل أيضًا منطقة الصدغ أو الجبهة.
الصداع العنقودي (Cluster Headache): يُعرف هذا النوع من الصداع بأنه شديد الألم للغاية، ويُصف غالبًا بأنه ألم حارق أو ثاقب خلف عين واحدة. يصاحبه عادةً أعراض مثل احمرار العين، تمزقها، تدلي الجفن، وتورم حول العين المصابة، بالإضافة إلى انسداد الأنف أو سيلانه في نفس الجانب. تأتي النوبات على شكل "عناقيد" أو فترات من الصداع المتكرر تليها فترات هدوء.
إجهاد العين (Eyestrain): قضاء فترات طويلة أمام الشاشات الرقمية، القراءة في إضاءة خافتة، أو عدم تصحيح مشاكل الرؤية (مثل طول النظر أو قصر النظر أو اللابؤرية) يمكن أن يؤدي إلى إجهاد عضلات العين وحولها، مما يسبب صداعًا خفيفًا أو متوسطًا خلف العين.
التهاب الجيوب الأنفية (Sinusitis): عندما تلتهب الجيوب الأنفية، يمكن أن يتراكم الضغط داخلها، مما يسبب ألمًا يشعر به خلف العينين، خاصةً الجيوب الإيثمويدية والجيوب الوتدية. غالبًا ما يزداد الألم سوءًا عند الانحناء أو السعال، ويصحبه احتقان في الأنف وإفرازات.
مشاكل الرؤية: مشاكل الانكسار غير المصححة (مثل الحاجة إلى نظارات أو تحديث الوصفة الطبية) يمكن أن تجعل العينين تعملان بجهد أكبر للتركيز، مما يؤدي إلى صداع خلف العين. التهاب العصب البصري أيضًا يمكن أن يسبب ألمًا خلف العين يزداد سوءًا مع حركة العين.
الجلوكوما (Glaucoma): في بعض أنواع الجلوكوما، خاصة الجلوكوما مغلقة الزاوية الحادة، يمكن أن يرتفع الضغط داخل العين بشكل مفاجئ وشديد، مما يسبب ألمًا شديدًا خلف العين، مع احمرار العين، تشوش الرؤية، ورؤية هالات حول الأضواء. هذه حالة طارئة تتطلب عناية طبية فورية.
أمراض أخرى: في حالات نادرة، يمكن أن يكون الصداع خلف العين علامة على حالات أكثر خطورة مثل تمدد الأوعية الدموية الدماغية (aneurysm)، أورام الدماغ، أو التهاب الشريان الصدغي (Temporal Arteritis) الذي يصيب كبار السن.
متى يجب استشارة الطبيب؟
على الرغم من أن معظم أسباب الصداع خلف العين غير خطيرة، إلا أن هناك علامات تحذيرية تستدعي زيارة الطبيب فورًا:
صداع مفاجئ وشديد للغاية ("أسوأ صداع في حياتي").
صداع مصحوب بتغيرات في الرؤية، ضعف في أحد جانبي الجسم، صعوبة في التحدث، أو فقدان الوعي.صداع يزداد سوءًا بشكل تدريجي أو لا يستجيب للمسكنات.
صداع مصحوب بحمى، تيبس الرقبة، طفح جلدي، أو نوبات صرع.
صداع بعد إصابة في الرأس.
العلاج والوقاية
يعتمد علاج الصداع خلف العين بشكل كبير على السبب الكامن وراءه:
للصداع النصفي والصداع العنقودي: قد يصف الطبيب أدوية متخصصة مثل التريبتانات (Triptans)، مسكنات الألم القوية، أو الأدوية الوقائية للحد من تكرار النوبات.
لإجهاد العين: يمكن تخفيفه بأخذ فترات راحة منتظمة من الشاشات (قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية)، استخدام قطرات العين المرطبة، وتعديل إعدادات الشاشة.
لالتهاب الجيوب الأنفية: العلاج قد يشمل المضادات الحيوية، مزيلات الاحتقان، أو بخاخات الأنف الستيرويدية.
لمشاكل الرؤية: زيارة طبيب العيون لتصحيح البصر أو علاج أي أمراض عينية أساسية.
مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية: مثل الإيبوبروفين، الباراسيتامول، أو النابروكسين، قد تساعد في تخفيف الألم الخفيف إلى المتوسط.
في الختام، بينما يمكن أن يكون الصداع خلف العين مزعجًا، فإن تحديد السبب الأساسي هو المفتاح للعلاج الفعال. لا تتردد في استشارة الطبيب إذا كنت تعاني من صداع شديد، متكرر، أو مصحوب بأعراض مقلقة.